آمال قرامي:تراجع الإيمان بالديمقراطية..وتنامي فكرة العودة لدولة قوية
قالت الأستاذة الجامعية في الدراسات الإسلامية والدراسات الجندرية آمال قرامي إنّ التونسيين سحبوا البساط من تحت النخب السياسية منذ سنوات وسط تنامي أفكار العودة إلى الدولة القوية التسلطية وتعدّد مبادرات الخلاص الفردي بعيدا عن المؤسّسات، مشيرة إلى وجود عدّة دراسات تمّ إنجازها حول تونس من قبل باحثين أجانب تصبّ في هذا الإتّجاه.
وأشارت الأستاذة والباحثة الجامعية إلى أنّ نسبة كبيرة من المواطنين انسحبت من الشأن العام ولم تعد تمارس مواطنتها وأنّ مواضيع هيمنت على الإهتمام بعد الثورة لم تعد أولوية وعوّضت بمواضيع أخرى سوّقت، وهي أقل حدة، انعكست على الواقع في تونس وفي العالم أيضا.
وتعتبر آمال القرامي أنّه يجب وضع الواقع التونسي في سياق عالمي بدأت تهيمن فيه في عدّة دول التعسّف على القانون وروح القانون.
ولفتت الباحثة إلى ارتفاع حضور التكنوقراط في السلطة مقابل تراجع الأشخاص من ذوي الخلفيات السياسية، وهو ما نعكس على التواصل مع الجماهير، إذ أنّ التكنوقراط لا يريدون الظهور في الإعلام على عكس السياسي الذي يسعى اختبار قدراته وتقييم أدائه وحضوره وحظوظه في الإنتخابات لذلك يعتبر الإعلام مهمّا في مسيرته.
بينما لا يسعى التكوقراط إلى ذلك ويعتبرون أنّهم مكلّفون بإدارة ملفات لا أكثرات، مقلّلة من صحّة ما يروّج عن ضغوط مسلّطة عليهم من الرئيس وتكميمه لأفواههم.
وقالت قرامي إنّ تونس من بين أكثر الدول التي لجأت إلى التكنوقراط مقارنة بالمغرب ومصر والأردن، مشيرة إلى وجود عدّة دراسات على هوية التكنوقراط في تونس.
ولفتت إلى أنّ تونس كانت تراهن على السياسيين زمن برقيبة وأصبحت حاليا من أكثر الدول التي يحظى التكنوقراط فيها بنصيب الأسد.
وقالت قرامي إنّ دراسة أجريت في سنة 2017 حول تونس، قادها باحث أمريكي، شملت 1000 شخص من علمانيين ومتحزبين وأشخاص دون خلفيات، بيّنت أنّ انخراط المواطنين في العشرية الماضية في الاحتجاجات المطلية المنادية بالحريات والديمقراطية والتغيير السياسي تراجع بشكل كبير نتيجة للهشاشة الإقتصادية والبيرقراطية.
وبات باراديغم (paradigme) الوضع الإقتصادي الهش مسيطرا مقارنة بـ 2011 حيث كان التأكيد على أنّ الثورة التونسية ليست ثورة جياع، وفق تصريحها.
وأوضحت الباحثة أنّ المفاهيم والمصطلحات التي جاءت مع التحوّل الديمقراطي سقطت وباتت الفكرة البديلة هي الانتقال إلى الدولة القوية وتمثلت في بديلين.
البديل الأوّل نجده في فئة انسحبت من 2017 ولم تعد تمارس مواطنتها وهي في حالة انتظار ومشاهدة (المواطن السلبي الذي لا يفعّل مواطنته) بمنطق ''دعها حتّى تقع'' وتدخل المؤسسة العسكرية، ونجد مقارنة عند هذه الفئة بالمثال المصري.
بينما تجد فئة ثانية البديل في شخصية قوية تضع السياسات من فوق وسيطرة فكرة إلغاء التنوع والتعدّدية والعودة إلى التغيير الفوق بسياسات قسرية أيّ العودة إلى نموذج الشخص الذي يخطّط ويكون حازما ومتسلطا لإنهاء هذا المسار الديمقراطي.
ونبّهت آمال قرامي إلى ما يحمله هذا التوجّه من خطر على الحريات في ظلّ وجود تيار مناهض للديمقراطية، وبالتالي انتفاء المراقبة والمحاسبة والمساءلة من ذهن التونسي والتونسية وعدم الإيمان بالمسار الديمقراطي، وبالتالي تراجع الإيمان بالحريات بنسبة كبيرة بمنطق أنّها لا يمكن أن تطعم أفواهًا أو تمكّن من تحصيل عمل.